بأنه ممتنع.
الأمر الرابع
لا إشكال عندهم ولا خلاف في تحقق عموم الوضع والموضوع له وخصوصهما في الخارج ، ومثلوا للأول بأسماء الأجناس وللثاني بالأعلام ـ ولكن في النّفس من التمثيل بالأعلام للثاني شيئا ، إذ لو كانت موضوعة لنفس الخارج والهوية الوجودية ، لزم ان يكون قولنا زيد موجود قضية ضرورية ، ومن قبيل حمل الشيء على نفسه ، ومجازية قولنا زيد معدوم أو زيد اما موجود واما معدوم ، لاحتياجها إلى عناية التجريد ، مع انا لا نجد الفرق بينها وبين ما إذا كان المحمول لفظ قاعدا وقائم ـ والّذي يناسب الارتكاز هو القول بكونها موضوعة لماهية لا تنطبق الا على فرد واحد! لا للماهية المنطبقة على الكثيرين ولا للفرد المشخص ، وعلى هذا الارتكاز جرت سيرة العوام في الاخبار عن معدومية المسميات في زمان وموجوديتها في زمان آخر ويقال لم يكن زيد في ذلك الزمان بل وجد بعده ـ فيستكشف ان الوضع لم ينحدر على الهوية الوجودية بل على ماهية مخصصة بإضافات كثيرة وحدود وافرة ، ولو ارتكازا ، لينطبق على المشخص المعين.
واما القسم الثالث أعني عموم الوضع وخصوص الموضوع له فقد مثلوا له بالحروف فلنبدأ بتحقيق معانيها حتى تتضح كيفية وضعها ، فنقول : انك إذا أمعنت النّظر ولاحظت الموجودات من شديدها إلى ضعيفها ترى بعين الدقة انقسام الموجودات الإمكانية إلى أقسام وشعب ، «فمنها» ما هو تام ماهية ووجودا ، أي يوصف حقيقتها ويدرك جوهرها مستقلة في المدارك العقلية بلا توسيط شيء ، كما انه يتحقق ويحصل في الأعيان كذلك من دون ان يعتمد على شيء أو يحصل في موضوع ، كالجواهر بأنواعها العالية والسافلة ويعبر عنه بالموجود لنفسه وفي نفسه ، (ومنها) ما هو تام ماهية ومفهوما ويتصور ماهية العقلانية في نشأة الذهن بحيالها ولا يحتاج في التحديد إلى امر آخر ، ولكنه غير تام وجودا ولا يمكن ان يتحقق في نفسه مستقلا ، ولا ان يشغل الأعيان الا بالحصول في موضوع والعروض على معروض ، كالإعراض بأسرها (ومنها) ما هو قاصر في كلتا النشأتين فلا يحصل في الذهن الا تبعا وتطفلا للغير ، ولا يوجد في الخارج الا مندكا في طرفيه ، كالنسب والإضافات ، والوجودات الرابطة ، فان لها محكيات ومسميات في الخارج لا تخرج