القائمتان على لزوم قصد الأمر أو التقرب في العبادات يكشفان عن وجود امر آخر كما لا يخفى.
«وان» شئت قلت : انا نختار الشق الثاني من كلامه وهو ان الأمر الأول لا يسقط بمجرد الإتيان ، لقيام الإجماع والضرورة على اعتباره في صحة العبادات ولكن يستكشف «ح» عن ورود تقييد لمتعلق الطبائع لكون الصحة وعدمها دائرتين مداره ، كما يستكشف بهما وجود امر آخر ودليل منفصل إذا قلنا بعدم جواز الأخذ في المتعلق كما هو المفروض في كلامه قدسسره.
«وثانيا» ان ما ذكره في آخر كلامه من استقلال العقل بوجوب الموافقة بما يحصل به الغرض غير صحيح ، لأن مرجعه إلى ان العقل يستقل بالاشتغال ومعه لا مجال لأمر مولوي وفيه مضافا إلى جريان البراءة في المورد كما سيأتي بيانه ، ان حكم العقل بالاشتغال ليس ضروريا بل امر نظري تضاربت فيه الأفكار ، واكتفاء الشارع بحكمه انما يصح لو كان الحكم بالاشتغال مقتضى جميع العقول ، ومع هذا الاختلاف يبقى مجال لاعمال المولوية ولو لأجل رد القائلين بالبراءة والحاصل ان ما قرع سمعك من انتفاء مناط المولوية في موارد الأحكام العقلية ليس بالمعنى الّذي تتلقاه من الأفواه بل له حدود وشروط.
«وثالثا» ان ما أفاده من ان المولى لا يتوسل بغرضه بهذه الوسيلة ، مدفوع ، بان ترك الأمر الثاني ولو برفع موضوعه ، موجب للعقوبة فيحكم العقل بلزوم إطاعته وليس للمولى وسيلة إلى التوسل بأغراضه الا الأمر والإيعاد بالعقاب على تركه.
توهم ودفع
ربما يختلج في البال ، انه إذا فرضنا ان المصلحة قائمة بالطبيعة المقيدة بقصد الأمر كما هو المفروض في العبادات إذ روحها هو التقرب وقصد الامتثال أو ما يقوم مقامهما ، وإلّا لصار لزوم إتيانها مع القربة لغوا يكشف «هذا» عن خلو الطبيعة المجردة عن القيد من المصلحة «فحينئذ» لا يمكن ان تتعلق الإرادة بالمجرد عن القيد ثبوتا كما لا يمكن البعث الحقيقي إليه إذ الحكم أعني البعث ومبدأه الّذي هو الإرادة يتبعان الملاك الّذي هو المصلحة بالضرورة ومع فرض عدمها لا ينقدح الإرادة كما لا يقع مورد البعث إذا عرفت هذا «فنقول» إذا فرضنا ان الأمر المتعلق بنفس الطبيعة الخالية عن القيد ، ليس صالحا للباعثية