صدقه على غير العالي والمستعلى كاشف عن تضيق مفهومه إذ لو أبقي على سعته كان عدم صدقه على غيرهما بلا ملاك و (بالجملة) فالامر دائر بين وضعه لمطلق القول الصادر ووضعه للصادر عن علو واستعلاء ، فعلى الثاني لا محيص عن الالتزام بتقييده بقيد حتى لا يصدق على غيرهما وعلى الأول لا يتم قوله ان الأمر الكذائي لا ينبغي صدوره خارجا الا من العالي المستعلى مع ان المفهوم باق على سعته.
في ان مادة الأمر يدل على الإيجاب أولا
الثالثة ، قد عرفت ان مادة الأمر موضوع لمفهوم جامع بين الهيئات الصادرة عن العالي المستعلى ، فهل هو الموضوع له بقول مطلق ، أو ذاك مع قيد آخر أعني كونه صادرا على سبيل الإلزام والإيجاب ، والدليل الوحيد هو التبادر ولا يبعد موافقته للثاني ويؤيده بعض الآيات والرواية المأثورة عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لو لا ان أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك وهو ظاهر في ان الأمر يوجب المشقة والكلفة وهذا يساوق الوجوب دون الاستحباب ، مضافا إلى ان السواك مطلوب استحبابا فلو كان ذلك كافيا في صدق الأمر لما صدر منه صلىاللهعليهوآله ذلك الكلام.
وما قاله بعض محققي العصر بعد اختياره كون لفظ الأمر حقيقة في مطلق الطلب انه لا شبهة في ظهوره حين إطلاقه في خصوص الطلب الوجوبيّ ومنشأ ذلك اما غلبة استعماله في الوجوب أو قضية الإطلاق ولا وجه لدعوى الأول لكثرة استعماله في الاستحباب كما ذكره صاحب المعالم فينحصر الوجه ، في الثاني ثم استقربه بوجهين؟ (غير مفيد) بل من الغرائب لأن ما ذكره صاحب المعالم انما هو في صيغة الأمر دون مادته كما ان مورد التمسك بالإطلاق هو صيغة الأمر دون مادته.
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأوامر وفيه مباحث
(الأول) قد أسلفنا ما هو المختار في مفاد الماضي والمضارع بقي الكلام في هيئة الأمر فالتحقيق ان مفادها إيجادي لا حكائي فهي موضوعة بحكم التبادر لنفس البعث والإغراء نحو المأمور به ، فهي كالإشارة البعثية والإغرائية ، وكإغراء جوارح الطير والكلاب المعلمة وان شئت ففرق بينهما بان انبعاث الحيوانات يكون بكيفية الصوت والحركات والإشارات