قد ظل هذا السيل فى داخل الحرم الشريف ما يقرب من أربعة أيام ، من يوم الأربعاء إلى يوم السبت وظلت المياه تتزايد بغزارة فى تلك الأيام الأربعة ؛ إلا أنها أخذت فى النقصان يوم السبت ، وقد أصاب أهل مكة من شدة هيجان ذلك السيل فزع شديد».
ويقول القاضى برهان الدين فى رسالة كتبها وأرسلها إلى مصر بعد أن تحدث عن وقت ظهور السيل ومدة بقائه فى الحرم الشريف «إن المسنين الذين عاصروا السيل يذكرون أن مثل هذا السيل لم ير له مثيل لا فى العصور الجاهلية ولا فى العهود الإسلامية.
إن المياه التى تجمعت فى ساحة المسجد الحرام ، ارتفعت مقدار سبعة أذرع وثلاثة أرباع ذراع» وفى خاتمة رسالته أومأ إلى أن أهل مكة كانوا على حق فيما أصابهم من شدة الفزع.
١١ ـ من السيول التى يعرف التاريخ ظهورها السيل العظيم الثانى عشر الذى حدث فى سنة ١٥٣٨ الهجرية. إن السيل المذكور قد ظهر فى ليلة الخميس العاشر من شهر جمادى الأولى من السنة المذكورة ، واجتاح ساحة الحرم الشريف من البطحاء وارتفعت المياه قدر ذراع من فوق عتبة باب بيت الله ، وأوقعت كثيرا من أبواب المسجد الحرام على الأرض.
وكان عدد الغرقى والموتى لا حصر له ، ولم يكن بين أهالى مكة من رأى مثل هذا السيل العظيم ؛ فلو لم يكف هطول الأمطار بعناية الله لما كان هناك شك أن كثيرا من حوانيت مدينة مكة المكرمة كانت ستخرب.
١٢ ـ من السيول الشهيرة السيل الذى ظهر مثل البحر بعد السيل الثانى عشر بأربع وستين سنة. وقد ظهر هذا السيل ليلة الخميس العاشر من شهر جمادى الأولى سنة ثمانمائة واثنتين. ودخل فى المسجد الحرام من جهة وادى إبراهيم واقتلع كثيرا من أبوابه وحطمها ، وكانت كثرة الأمطار هى