أمور البناء ، وهو ناظر الحرم الشريف القاضى حسين بن أبى بكر الحسينى ، وشرع فى الاستعداد لهدم البناء القديم ، وبناء الجديد ، وبناءا على رأى المهندس محمد أفندى من ضباط الباب العالى والذى أرسل للإشراف على العمارة وذلك فى أواسط شهر ربيع الأول سنة (٩٨٠) (١) هدم الجدار الشرقى للمسجد الحرام من باب على إلى باب السلام كاملا ، ومهدت أرضه ، وفى جمادى الأولى من نفس السنة وفى يوم الجمعة وضع حجر الأساس بعد أن دعا أمام جميع الأهالى بالتوفيق.
وبما أن الأزقة التى كانت تحيط بالجوانب الأربعة للحرم الشريف فى ذلك التاريخ كانت على نسق واحد ، وهو السقوف الخشبية المرفوعة على الأعمدة الرخامية ، وبناء على الأمر السلطانى كان المقرر أن تبنى فوق السقوف قبب لا تبدل ولكن الأساطين القديمة لم تكن تتحمل ثقل تلك القبب ؛ حتى وإن كانت صغيرة فلن تصل رصانة البناء ومتانته إلى الحد المطلوب ، فرأى محمد أفندى المذكور أن يهدم الأعمدة ويبنى قوائم من حجر شمليس أصفر اللون بعد كل ثلاثة أعمدة ، وقرر أن يثبت سقف الحرم الشريف ويحكم بناءه فأنشأ قببا مزخرفة جميلة.
ووفق هذا القرار واصل عمله من باب على إلى باب السلام ، ومن هنا إلى باب عمر الواقع فى آخر الجدار الشمالى وهكذا أتم عمله بالكمال بعد أن بنى الجهتين الشرقية والشمالية للمسجد الحرام وذلك فى سنة (٩٨٢) وفى أثناء ذلك آل بناء عمر السلطان سليم إلى نهايته ، وخلفه على العرش السلطان مراد الثالث طاب ثراه ، وتوقفت عمليات البناء مدة من الزمن ولكن أحمد بك تلقى أمر السلطان باستئناف المهمة وشرع فى العمل من جديد ، وفى غضون عامين بلغ بالبناء حد الكمال ، وزين باب الحرم الشريف وجدرانه وأحجاره باسم جناب السلطان ، وحلى باب المعلى وما حوله من السقوف والأروقة بالنقوش الذهبية المتنوعة وكان ذلك فى سنة (٩٨٤).
__________________
(١) فى السنة المذكورة حدث سيل خطير ودخل إلى الحرم الشريف وارتفع الماء بقدر قدمين فاستبدّ الاضطراب والحزن بأهل مكة.