الموسيقى تعزف على أبوابهم صباحا ومساء ، وكان كل واحد منهم يعمم بعمامة عليها أربعة قرون ، أما من لم يحوزوا رتبة الأمير الكبير من الأمراء فكانوا يعممون بعمامة بها قرنان ، أما من هم دونهم فى الرتبة فكانت عمائمهم خالية من القرون وطرفها مدلى إلى حناجرهم أما رؤساء الجنود فكانوا يضعون على رءوسهم قلنسوة من الجوخ الأحمر ويسايرون ركاب السلطان على أرجلهم ، وعلى هذا الطراز وهذه الهيئة كانت الثياب الرسمية لملوك الشراكسة فى مصر ، فمن كان منهم ذا رتبة لبس العمائم ذات القرون وكانوا يستنكفون من عمائمهم. كما يستنكفون من لبس ملابس الإحرام متجردين من ثيابهم ويعتبرونه من الأمور المعيبة لذا لم يستطع السلطان أن يحمل نفسه على الترجل ولبس ملابس الإحرام. انتهى.
وقد أقام السلطان الغورى من ملوك الشراكسة فى مصر فوق باب إبراهيم (كمرا) عقدا فى غاية الزينة فريدا من نوعه وبنى قصرا وعلى جانبيه عدة مساكن ، وأوصل بها عدة منازل وجعلها وقفا وذلك فى عام (٨٨٨) وبما أنها كانت أعلى من الحرم الشريف فقد أفتى أكثر العلماء بعدم جواز وقفها. يقيم الآن فى هذا القصر والمساكن التى بجانبه المستأجرون كما أن الحجاج يستأجرونها أحيانا. وأصلح السلطان الغورى المضايق التى فى طريق مصر كما رمم حجر إسماعيل الشريف كما أنه بنى سور جدة.
إرسال الصرة إلى الحرمين :
جرت عادة السلطان الغازى بايزيد خان الثانى بن السلطان محمد الفاتح خان بأن يرسل كل سنة صرة تحتوى على أربعة عشر ألف قطعة ذهبية ، على أن يوزع نصف المبلغ لعلماء مكة الأعلام والنصف الآخر لعلماء المدينة الأعلام وذلك فى سنة (٨٨٦) ، وبما أن سماحة خلق المشار إليه قد ذاعت بين أهالى الحرمين فقد نظم شاعر من شعراء المدينة يسمى أحمد بن حسين العليف قصيدة مدح وثناء ضمنها مناقب الخليفة المختارة وقدمها للسلطان.