والدليل على صحة هذا : قراءة من قرأ «أعبد» بالنصب (١).
وقال أبو علي (٢) : «تأمروني» يقتضي مفعولين ، والياء المفعول الأول ، و «غير» مفعول ثان. و «أعبد» في تقدير : أن أعبد ، في موضع البدل من «غير».
قرأ نافع : «تأمروني» بنون واحدة مخففة. وقرأ ابن عامر بنونين خفيفتين. وقرأ الباقون بنون واحدة مشددة (٣).
فمن أظهر النون فعلى الأصل ؛ لأن النون الأولى من علامة رفع الفعل ، والثانية هي التي تصحب ياء المتكلم مع الفعل ، ومن شدّد أدغم الأولى في الثانية لاجتماع المثلين.
[فإن قيل](٤) : كيف جاز الإدغام وقبله حرف ساكن وهو الواو؟
قلت : هو حرف مدّ ولين ، والمد الذي فيه ينوب مناب الحركة.
ومن قرأ بنون واحدة حذف إحدى النونين ؛ لاجتماع المثلين ، والمحذوفة هي التي تصحب ياء المتكلم ؛ لأن التكرير والتثقيل بها وقع.
ولأن حذف الأولى لحن ؛ لأنها دلالة الرفع.
وكلهم سكّن الياء ، إلا ابن كثير ونافعا فإنهما فتحاها (٥).
__________________
(١) ذكر هذه القراءة السمين الحلبي في : الدر المصون (٦ / ٢٢) ، وأبو حيان في : البحر (٧ / ٤٢١).
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤).
(٣) الحجة للفارسي (٣ / ٣٤٣) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦٢٥) ، والكشف (٢ / ٢٤٠) ، والنشر (٢ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤) ، والإتحاف (ص : ٣٧٦ ـ ٣٧٧) ، والسبعة (ص : ٥٦٣).
(٤) في الأصل : فاقيل.
(٥) الحجة للفارسي (٣ / ٣٤٣) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦٢٥) ، والكشف (٢ / ٢٤٠) ، والنشر (٢ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤) ، والإتحاف (ص : ٣٧٦ ـ ٣٧٧) ، والسبعة (ص : ٥٦٣).