قال الفراء (١) : كما تقول : اتّخمت من طعام أكلته وعن طعام أكلته.
قلت : [ويؤيد](٢) هذا قراءة أبيّ بن كعب وابن أبي عبلة وأبي عمران : «عن ذكر الله» (٣).
وقال الزمخشري (٤) : إن قلت : ما الفرق بين «من» و «عن» في هذا؟
قلت : إذا قلت : قسا قلبه من ذكر الله ، فالمعنى ما ذكرت ، من [أن](٥) القسوة من أجل الذّكر وسببه ، وإذا قلت : عن ذكر الله ، فالمعنى : غلظ عن قبول الذّكر وجفا عنه. ونظيره : [سقاه](٦) من العيمة (٧) ، أي : من أجل عطشه ، وسقاه عن العيمة ؛ إذا أرواه حتى أبعده عن العطش.
وقال غيره : هو على حذف المضاف ، تقديره : فويل للقاسية قلوبهم من ترك ذكر الله.
(اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ)(٢٣)
__________________
(١) معاني الفراء (٢ / ٤١٨).
(٢) في الأصل : ويد.
(٣) ذكر هذه القراءة ابن الجوزي في : زاد المسير (٧ / ١٧٤).
(٤) الكشاف (٤ / ١٢٥).
(٥) زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.
(٦) في الأصل : سقا. والتصويب من الكشاف ، الموضع السابق.
(٧) العيمة : شدة العطش (اللسان ، مادة : عيم).