قوله تعالى : (ما لَبِثُوا) أي : يحلفون ما لبثوا في قبورهم. وقيل : في الدنيا (غَيْرَ ساعَةٍ).
فإن قيل : استقصارهم مدة اللبث في الدنيا ظاهر معلوم ، فما معنى استقصارهم مدة اللبث في القبور وهم معذبون؟
قلت : يجوز أن يقولوا ذلك ناسين ما كانوا فيه ؛ لما دهمهم من أهوال الطامة ، أو صار عندهم عذاب القبور كلا عذاب بالنسبة إلى ما أفضوا إليه ، وقد سبق هذا المعنى فيما مضى. ويجوز أن يكونوا قالوا ذلك وهم كاذبون.
(كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) أي : مثل ذلك الصّرف كانوا يصرفون عن الصدق في الدنيا.
(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ) وهم الملائكة. وقيل : الأنبياء. وقيل : المؤمنون.
ويجوز عندي : أن يكون القول صادر من الجميع.
(لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ) أي : في اللوح المحفوظ.
وقيل : في علم الله.
وقيل : فيما كتبه الله تعالى ، أي : أوجبه بحكمته.
وقيل : فيه تقديم وتأخير ، تقديره : وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان لقد لبثتم.
(إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ) الذي كنتم تنكرونه.
(فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ) قرأ أهل الكوفة : «لا ينفع» بالياء للفصل ، أو حملا