فصل
احتج علماؤنا بهذه الآية على نجاسة عظام الميتة من حيث كونها قابلة للموت ضرورة قبولها للحياة.
قوله تعالى : (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) أي : يعلم كيف يخلق ، لا يتعاظمه شيء من خلق المنشآت والمعادات.
ثم ذكر من بدائع خلقه ما يدلهم على قدرته على ما أحالته عقولهم الضعيفة ، فذلك قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً) أي : الذي جعل النار المحرقة من الشجر الأخضر الرّطب ، وجمع بينهما مع مضادة النار الماء وإشعالها الحطب ، وأكثر ما تكون النار في المرخ والعفار ، وفي أمثالهم : (في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار) ، يقطع الرجل منهما عويدتين كالسواكين وهما خضراوان يقطران الماء ، فيسحق المرخ وهو ذكر ، على العفار وهي أنثى ، فتنقدح النار بإذن الله تعالى.
ويروى عن ابن عباس : ليس من شجرة إلا وفيها نار إلا العناب. قالوا : ولذلك يتخذ منه كذينقات (١) القصارين (٢).
وقوله تعالى : (الْأَخْضَرِ) : على اللفظ. وقيل : الشجر ، جمع يؤنث ويذكر ، قال الله تعالى : (مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) [الواقعة : ٥٢ ـ ٥٣] ، وقال تعالى هاهنا : (مِنْهُ تُوقِدُونَ).
__________________
(١) الكذينق : مدقّ القصارين الذي يدقّ عليه الثوب (اللسان ، مادة : كذنق).
(٢) الكشاف (٤ / ٣٣).