(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) أي : فهل ينتظرون إلا نزول العذاب بهم كما نزل بالأمم المكذبة قبلهم. وجعل استقبالهم لذلك انتظارا له منهم.
ثم أخبر أن ذلك كائن لا محالة فقال تعالى : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً).
وما بعده سبق تفسيره إلى قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) قال ابن جرير (١) : بصير بمن يستحق العقوبة منهم ومن يستحق الكرامة (٢).
__________________
ـ فائدة : قال أبو حيان في البحر (٧ / ٣٠٥) : قال أبو عبد الله الرازي : فإن قلت : كثيرا نرى الماكر يفيده مكره ويغلب خصمه بالمكر ، والآية تدل على عدم ذلك؟
فالجواب من وجوه :
أحدها : أن المكر في الآية هو المكر بالرسول ، من العزم على القتل والإخراج ، ولا يحيق إلا بهم حيث قتلوا ببدر.
وثانيها : أنه عام ؛ وهو الأصح ، فإنه عليهالسلام نهى عن المكر وقال : «لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا ، فإنه تعالى يقول : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) ، فعلى هذا يكون ذلك الممكور به أهلا فلا يرد نقضا.
وثالثها : أن الأمور بعواقبها ، ومن مكر به غيره ونفذ فيه المكر عاجلا في الظاهر ، ففي الحقيقة هو الفائز ، والماكر هو الهالك. انتهى.
(١) تفسير ابن جرير الطبري (٢٢ / ١٤٨).
(٢) في الأصل : آخر الجزء الثالث. يتلوه إن شاء الله تعالى الجزء الرابع من أول سورة يس إلى آخر القرآن.