و (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد إمساكه.
(إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) غير معاجل بالعقوبة ، حيث يمسكهما ، وكانتا جديرتين بأن تهدّا هدّا ، لعظم كلمة الشرك ، كما قال الله تعالى : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) [مريم : ٩٠].
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً (٤٣) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) (٤٥)
__________________
ـ قال أبو حيان في البحر (٧ / ٣٠٣) : وكلامه إن أخذ كلامه على ظاهره لم يصح ؛ لأنه لو سدّ مسدّهما لكان له موضع من الإعراب باعتبار جواب الشرط ، ولا موضع له من الإعراب باعتبار جواب القسم. والشيء الواحد لا يكون معمولا غير معمول.
قلت : قصد أبو حيان أن جملة «إن أمسكهما» إن جعلت سادّة مسدّ الجوابين كانت معمولة ، إن هي في محل جزم باعتبارها جواب الشرط ، وغير معمولة لأنه لا محل لها باعتبارها جواب القسم.
وانظر في سد الجملة مسدّ جوابي الشرط والقسم : الأشموني (٤ / ٢٩).