فالمعنى : لهم عذاب من عذاب أليم ، فإذا وصف العذاب الثاني بأليم ، كان العذاب الأول أليما ، وإذا أجريت الأليم على العذاب الأول كان المعنى : لهم عذاب أليم من عذاب ، فالأول أكثر فائدة.
قوله تعالى : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) وهم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، في قول قتادة (١).
[ومؤمنوا](٢) أهل الكتاب ؛ كعبد الله بن سلام وأصحابه ، في قول مجاهد (٣).
قال الزجاج (٤) وغيره : موضع «يرى» نصب عطف على قوله : «ليجزي» ، و «الحق» مفعول ثان ل «يرى» ، وهو هاهنا فصل ، ويسميه الكوفيون : العماد (٥).
فإن قيل : ما فائدة الفصل؟
قلت : شيئان :
أحدهما : التفصلة بين الخبر والصفة.
والثاني : التأكيد ، في نحو قولك : زيد هو المنطلق ، أي : لا منطلق إلا هو.
ويجوز أن يكون قوله : (وَيَرَى) كلاما مستأنفا خارجا مخرج الثناء على الذين
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢٢ / ٦٢) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣١٦١). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٦٧٤) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في الأصل : ومونوا. والتصويب من زاد المسير (٦ / ٤٣٣).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣١٦١) عن الضحاك. وذكره الطبري (٢٢ / ٦٢) بلا نسبة ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٤٣٣) عن ابن عباس ، والسيوطي في الدر (٦ / ٦٧٤) وعزاه لابن أبي حاتم عن الضحاك.
(٤) معاني الزجاج (٤ / ٢٤١).
(٥) انظر : التبيان (٢ / ١٩٥) ، والدر المصون (٥ / ٤٣٠). والعماد هو : ضمير الفصل.