ملكا وخلقا ، (وله في الحمد في الآخرة) (١) يريد : أن أهل الجنة يحمدونه إذا أخذوا منازلهم ، كقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) [الزمر : ٧٤] ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) [فاطر : ٣٤] ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا)(٢) [الأعراف : ٤٣].
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) أي : ما يدخل فيها من مطر ، أو يجنّ فيها من ميت ، (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من زرع ونبات.
وقال النقاش : ما يخرج منها من كنوز الذهب والفضة والمعادن كلها (٣).
(وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من مطر وزق وملك قضاء ، (وَما يَعْرُجُ فِيها)(٤) من القضاء والدعاء والأعمال والملائكة.
__________________
ـ لا يشركه فيها أحد من دونه ، (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في تدبيره خلقه وصرفه إياهم في تقديره ، خبير بهم وبما يصلحهم ، وبما عملوا وما هم عاملون ، محيط بجميع ذلك.
يعلم ما يدخل الأرض وما يغيب فيها من شيء ، (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها) وذلك خبر من الله أنه العالم الذي لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض ، مما ظهر فيها وما بطن ، (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) بأهل التوبة من عباده أن يعذبهم بعد توبتهم ، الغفور لذنوبهم إذا تابوا منها.
(١) زيد في هامش الأصل بخط مغاير قوله تعالى : (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ).
(٢) قال الزمخشري في الكشاف (٣ / ٥٧٦) : فإن قلت : ما الفرق بين الحمدين؟
قلت : أمّا الحمد في الدنيا فواجب ؛ لأنه على نعمة متفضل بها ، وهو الطريق إلى تحصيل نعمة الآخرة وهي الثواب. وأمّا الحمد في الآخرة فليس بواجب ؛ لأنه على نعمة واجبة الإيصال إلى مستحقها ، وإنما هو تتمة سرور المؤمنين وتكملة اغتباطهم ، يلتذون به كما يلتذ من به العطاش بالماء البارد.
(٣) ذكره الماوردي (٤ / ٤٣٢).
(٤) زيد في هامش الأصل بخط مغاير قوله تعالى : (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ).