لكتم هذه الآية : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ)(١) ، يعني : زيد بن حارثة أنعم الله عليه بالهدى والاختصاص بك حتى تبنيته وأحببته واصطفيته (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بالعتق ، (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) أي : اتق الله في أمرها فلا تطلقها.
وقيل : اتق الله فلا تذمها بنسبتها إلى الكبر وأذى الزوج.
وفي قوله تعالى : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) أربعة أقوال :
أحدها : تعلق قلبه الكريم بها ومحبته إياها. قاله ابن عباس (٢).
الثاني : إيثاره طلاقها. قاله قتادة وابن جريج ومقاتل (٣).
الثالث : إضماره في نفسه إن طلقها زيد تزوجتها. قاله [ابن](٤) زيد (٥).
الرابع : أن الله تعالى كان أعلمه أنها تكون زوجته ، وأن زيدا سيطلّقها ، فلما قال له : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) عاتبه الله تعالى على ذلك (٦). قاله علي بن
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٥٣ ح ٣٢٠٨).
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٣٨٧).
(٣) أخرجه الطبري (٢٢ / ١٣) عن قتادة. وذكره مقاتل في تفسيره (٣ / ٤٨) ، والماوردي (٤ / ٤٠٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٣٨٧) ، والسيوطي في الدر (٦ / ٦١٤) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن قتادة.
(٤) زيادة من زاد المسير (٦ / ٣٨٧).
(٥) أخرجه الطبري (٢٢ / ١٣) بأطول منه. وذكره الماوردي (٤ / ٤٠٦) بلا نسبة ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٣٨٧).
(٦) وهو الصواب من القول في ذلك. وصحح الأثر الحافظ ابن حجر في الفتح (٨ / ٥٢٤) وقال : والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي صلىاللهعليهوسلم هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته ، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك ؛ خشية قول الناس : تزوج امرأة ابنه ، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من ـ