إلى سوق المدينة فخندق بها خندقا ، وجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، وأخرجوا إليهم أرسالا فضربت أعناقهم ، وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة ، والمكثر يقول : من الثمانمائة إلى التسعمائة ، وكان الذي يضرب أعناقهم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ، فقالوا لكعب [بن أسد](١) ـ وكان رأسهم ـ : ما تراه يصنع بنا؟ فقال كعب : آه ، في كل موطن لا تعقلون ، أما ترون الداعي لا ينزع ، وأن من يذهب به منكم لا يرجع ، هو والله القتل ، فلما جيء بعد [بحيي](٢) بن أخطب نظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : أما والله ما لمت نفسي على عداوتك ، ولكنه من يخذل الله يخذل ، ثم جلس فضربت عنقه (٣).
وروى محمد بن إسحاق عن الزهري : أن الزبير بن باطا اليهودي القرظي ـ وكان يكنى أبا عبد الرحمن ـ كان قد منّ على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية يوم بعاث ، أخذه فجزّ ناصيته ثم خلى سبيله ، فجاءه يوم قريظة وهو شيخ كبير فقال : يا أبا عبد الرحمن ، هل تعرفني؟ قال : وهل [يجهل](٤) مثلي مثلك؟ قال : إني أريد أن أجزيك بيدك عندي؟ قال : إن الكريم يجزي الكريم ، قال : ثم أتى ثابت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يا رسول الله! كانت للزبير عندي يد وله عليّ منّة ، وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهب لي دمه ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هو لك ، فأتاه فقال له : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد وهب لي دمك ، قال : شيخ كبير لا أهل له ولا ولد ، فما يصنع
__________________
(١) في الأصل : أسيد. والتصويب والزيادة من الطبري (٢١ / ١٥٣).
(٢) في الأصل : وحيي.
(٣) أخرجه الطبري (٢١ / ١٥٣). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٣٧٤).
(٤) زيادة من مصادر التخريج.