أحدهما : أن يكون هذا خارجا مخرج التهكّم والسخرية بهم.
الثاني : أن يكون مقصوده تحقيق المعجز بإظهار عجزهم وانقطاع حجتهم ، ونحوه : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) [يونس : ٣٨].
قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) يعني : فقد ظهر انقطاع حجتهم وبان عنادهم ، (فَاعْلَمْ) حينئذ (أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) أي : ليس عندهم سوى إيثار الهوى.
ثم ذمّهم بقوله : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً) أي : بغير شاهد ولا دليل واضح (مِنَ اللهِ).
وقوله : (بِغَيْرِ هُدىً) في محل الحال ، على معنى : مخذولا مخلى بينه وبين هواه (١).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) أي : أتيناهم بالقرآن متواصلا مفصلا بالوعد والوعيد والنصائح وأخبار الأمم الماضية ، (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) إرادة أن يتذكروا.
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٥٥)
__________________
(١) هذا قول الزمخشري (٣ / ٤٢٥).