قلت : قد روي عن الحسن أنه قال : كان للعرب أصل في أيام موسى (١).
فالمعنى : أو لم يكفر آباؤهم بما أوتي موسى.
(قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا) إن قلنا هم أشباههم في الكفر من أمة موسى ، أو آباء كفار مكة على قول الحسن ، فالساحران موسى وهارون ، وإن قلنا هم الكفار الذين أرسلوا إلى أحبار اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد صلىاللهعليهوسلم ، فالساحران موسى ومحمد صلّى الله عليهما وسلم.
ويروى أنهم قالوا حين جاءتهم رسلهم من عند اليهود وأخبرتهم بنعته صلىاللهعليهوسلم وأنه في كتابهم ، قالوا حينئذ : ساحران تظاهرا.
وقرأ أهل الكوفة : «سحران» (٢) ، على معنى : ذوو سحر ، أو جعلوهما سحرين مبالغة في وصفهما بالسحر.
وقيل : أرادوا بالسّحرين : التوراة والقرآن ، ونسب التّظاهر ـ وهو التعارف ـ إليهما على الاتساع.
(وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍ) من الرسولين والكتابين (كافِرُونَ).
(قُلْ) يا محمد لكفار مكة (فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما) أي : من الكتابين.
فإن قيل : إتيانهم بكتاب من عند الله محال ، فما وجه مطالبتهم به؟
قلت : عنه جوابان :
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣ / ٤٢٤).
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٢٥٥) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٥٤٧) ، والكشف (٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥) ، والنشر (٢ / ٣٤١ ـ ٣٤٢) ، والإتحاف (ص : ٣٤٣) ، والسبعة (ص : ٤٩٥).