فإن قيل : إذا فسّرت الزينة بالحلي ، فما الحكمة في النهي عن إبدائه؟
قلت : مبالغة في الأمر بالتستر ، وليعلم أن النظر إذا لم يحلّ إلى الزينة لملابستها تلك المواضع ، كان النظر إلى تلك المواضع أكثر إثما وأكبر جرما.
قوله تعالى : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) الخمر : جمع خمار ، وهو : ما تغطي به المرأة رأسها (١).
أمر الله سبحانه وتعالى النساء أن يسدلن مقانعهنّ (٢) على جيوبهن ليسترن قرطتهنّ وأعناقهنّ وصدورهنّ.
(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) يعني : الخفيّة (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) أي : أزواجهن ، (أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَ) يريد : إخوتهن ، (أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَ) يعني : المسلمات.
قال الإمام أحمد : لا يحلّ للمسلمة أن تكشف رأسها عند نساء أهل الذمة ، واليهودية والنصرانية لا تقبّلان المسلمة (٣).
وقيل : المراد بنسائهن وما ملكت أيمانهن : من صحبنهنّ وخدمنهنّ من الحرائر والإماء ، فالنساء كلهن سواء في حلّ نظر بعضهن إلى بعض.
وعلماؤنا يقولون : المراد بما ملكت أيمانهن : الإماء دون العبيد.
قال الإمام أحمد رضي الله عنه : لا ينظر العبد من مولاته غير الوجه
__________________
ـ والبيهقي في سننه.
(١) انظر : اللسان (مادة : خمر).
(٢) المقنعة : ما تتقنّع به المرأة من ثوب تغطّي رأسها ومحاسنها (اللسان ، مادة : قنع).
(٣) انظر : المغني (٨ / ١٥٥).