والنظرية محل خلاف بين الأصوليين.
* لو كان لدينا دليل يدل بإطلاقه على عدم انفعال الكرّ بالملاقاة سواء حصل التغيّر أو لا ، ولدينا ـ أيضا ـ دليل ثان يدل بإطلاقه على انفعال الكرّ بالملاقاة سواء حصل التغير أو لا ، وهذا الدليل رواية أبي بصير ، قال : سألته عن كرّ من ماء مررت به وأنا على سفر قد بال فيه الحمار أو بغل أو إنسان؟ قال : «لا تتوضأ منه ولا تشرب منه».
وهذان الدليلان متعارضان بنحو التساوي ، بمعنى أن كلا منهما يشمل كلتا حالتي التغيّر وعدمه. وهناك دليل ثالث وهو ما ورد في رواية أبي بصير «لا تشرب من سؤر الكلب إلّا أن يكون حوضا كبيرا يستقى منه». فإن العادة قاضية بأن شرب الكلب من حوض كبير لا يوجب تغيره. فهذه الرواية مختصة موردا بالملاقاة غير المغيّرة ، فتكون أخص مطلقا من الدليل الثاني الدال على انفعال الكرّ بالملاقاة ، فيقيد الدليل الثاني بما إذا أوجب البول تغير الماء ، وبذلك يصبح أخص مطلقا من الدليل الأول الدال على أن الكرّ لا ينجسه شيء فينتج أن الكرّ ينجس بالتغير ولا ينجس بالملاقاة.
وهذا الوجه مبني على انقلاب النسبة ، وهو محل نظر عند الأصوليين.
نعم لو استظهر من الدليل الثاني وروده في مورد التغيير بحيث كان مختصا بصورة التغير في نفسه لا بمخصص منفصل ، كان مخصصا للدليل الأول على القاعدة ، وذلك يتوقف على دعوى أن المستظهر من فرض السائل مروره وهو مسافر بكرّ قد بال فيه إنسان أو حمار أو غيره ، أنه لم ير الإنسان أو الحمار يبول في الكرّ حين مروره عليه ، وإنما مرّ بكر قد بال فيه الإنسان أو حمار ، وهذا