الطهارة الذاتية لذلك القسم الذي خرج عن مدلوله المطابقي تخصيصا ، لأن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية في الحجية.
*** لو شهد أحد شاهدين بأن الهلال كان جنوبيا ، وشهد الآخر بأنه كان شماليا ، بحيث كانت لكل منهما شهادة واحدة متعلقة بفرد خاص مغاير لما تعلق بالفرد الآخر ، ونحوه ما لو أخبر أحدهما بأنه كان مطوّقا ، أو كانت فتحته نحو الأرض وقال الآخر فتحته نحو السماء ، بحيث أن أحدهما يخبر عن فرد ويخبر الآخر عن فرد آخر ، فبطبيعة الحال يقع التكاذب حينئذ بين الشهادتين لأن ما يثبته هذا ينفيه الآخر وبالعكس ، إذ لا يمكن أن يكون الهلال في آن واحد متصفا بخصوصيتين متضادتين ، فمن يدعي الجنوبية ينفي الشمالية ، فكل منهما مثبت وناف لمدلول الآخر ، فلم يتفقا على شيء واحد لتحقق بذلك البينة الشرعية.
نعم قد يقال : إنهما وإن اختلفا في المدلول المطابقي وهو الإخبار عن فرد خاص من الهلال إلّا إنهما متفقان في المدلول الالتزامي وهو الإخبار عن أصل وجود الهلال ، والكلي الجامع القابل للانطباق على كل من الفردين ، ولا فرق في حجية البينة كغيرها مما هو من مقولة الحكاية بين المدلول المطابقي والالتزامي ، فإذا سقطت المطابقة عن الحجية ، إما لأجل المعارضة أو لعدم حصول الشهادة الشرعية لا مانع من الأخذ بالمدلول الالتزامي.
ولكنه يندفع بما هو معروف من تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في الوجود ، أي في أصل الدلالة وتحققها ، وكذلك في الحجية ، لأنها تدور مدارها ثبوتا وسقوطا ، وجودا وحجية ، وعليه فمع سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية فإنه لا دليل على حجية الدلالة الالتزامية.
ـ راجع : الاجزاء