ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً) [البلد : ١٤ ـ ١٥]. وإن أريد به المرزوق كان «شيئا» بدلا منه(١).
والمعنى : لا يملكون رزقا قليلا ولا كثيرا.
(وَلا يَسْتَطِيعُونَ) أي : لا يملكون ولا يستطيعون أن يملكوا ؛ لأنهم جماد ، وإنما وحّد «يملك» وجمع «يستطيعون» ؛ نظرا إلى لفظ «ما» تارة ، وإلى معناها أخرى.
قوله تعالى : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) أي تشبّهوه بخلقه ، فإن من ضرب المثل لشيء لا بد له من تشبيه حال بحال وقضية بقضية.
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) ما يصح من ضرب الأمثال وما لا يصح (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك.
وقال ابن عباس : يعلم ما يكون قبل أن يكون ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وأنتم لا تعلمون قدر عظمته حين أشركتم به ، ونسبتموه إلى العجز عن بعث خلقه (٢).
قوله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) أي : ضرب لكم في إشراككم به الأوثان مثل من سوّى بين عبد مملوك لا يقدر على شيء من التصرف ، وبين حر مالك قد رزقه الله تعالى رزقا حسنا فهو يتصرف فيه وينفق منه سرا وجهرا لا يخاف أحدا ولا يداجيه ، (هَلْ يَسْتَوُونَ) يعني جنس العبيد والأحرار.
وقد روي عن ابن عباس : أن هذا مثل للمؤمن والكافر ، فالذي لا يقدر على شيء هو الكافر ؛ لأنه لا خير عنده ، وصاحب الرزق الحسن هو المؤمن لما عنده من
__________________
(١) التبيان (٢ / ٨٤) ، والدر المصون (٤ / ٣٤٨).
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٧٤) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٧١).