والذي حمله (١) على هذه التأويلات وصدّه عما عليه جمهور المفسرين ؛ ما يقتضيه قوله : «فاسلكي» من الترتيب.
والذّلل : جمع ذلول ، ونصبه على الحال ، إما من المفعول ، وهو السبل (٢) ، على معنى : اسلكيها مذللة لا تتوعر عليك. وهذا قول مجاهد (٣) واختيار الزجاج (٤).
أو حال من الفاعل ، وهو الضمير في «فاسلكي» (٥) ، أي : اسلكي وأنت مذلّلة منقادة لما أمرت به. وهو قول قتادة (٦) واختيار ابن قتيبة (٧). فسبحان من ألهمها تلك الصنعة العجيبة [المنتظمة](٨) على قانون بديع من الحكمة ، يعجز ذو والأفهام الثاقبة والبصائر النافذة عن تصوير شكله وتقدير مثله ، وسخّرها حيث استوطنت لمصالح بني آدم مضايق البناء مع اقتدارها على ملازمة فسيح الفضاء ، ما ذاك إلا لتستدلوا يا ذوي العقول بما تشاهدون بأبصاركم ، وتعلمون ببصائركم على وحدانية الله وقدرته وعظمته وحكمته ، وتشكروا ما أفاض عليكم من سوابغ
__________________
(١) أي : الزمخشري صاحب الكشاف.
(٢) التبيان (٢ / ٨٣) ، والدر المصون (٤ / ٣٤٦).
(٣) أخرجه الطبري (١٤ / ١٤٠) ، ومجاهد (ص : ٣٤٩) ، وابن أبي حاتم (٧ / ٢٢٩٠). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ١٤٤) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) معاني الزجاج (٣ / ٢١٠).
(٥) التبيان (٢ / ٨٣) ، والدر المصون (٤ / ٣٤٦).
(٦) أخرجه الطبري (١٤ / ١٤٠). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ١٤٤) وعزاه لعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر.
(٧) تفسير غريب القرآن (ص : ٢٤٦).
(٨) في الأصل : المنتضمة.