قدموه إلى الماء ليصلح لهم شأنهم (١). وهذا قول قتادة (٢) والزجاج (٣).
وقرأ نافع : «مفرطون» بكسر الراء (٤) ، بمعنى : مفرطون في الافتراء على الله وفي معاصيه ، ومثله أبو جعفر ، إلا أنه شدد الراء من التفريط ، بمعنى : مفرّطون في أمر الله مضيّعون حقوقه.
(تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٦٤)
قوله تعالى : (تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ) أي : أرسلنا إليهم رسلا كما أرسلناك إلى هذه الأمة ، (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) الخبيثة (فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ) يعني : في الدنيا ، وجعل اليوم عبارة عن زمان الدنيا. والمعنى : فهو وليهم وناصرهم في الدنيا ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة.
وقيل : فهو وليهم يوم القيامة ، فيكون حكاية عن الحال الآتية ، ويكون الواو في : «ولهم عذاب» واو الحال ، على معنى : فهو وليهم حال كونهم معذبين في النار.
قوله تعالى : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) من
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : فرط).
(٢) أخرجه الطبري (١٤ / ١٢٨ ـ ١٢٩). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ١٤١) وعزاه لعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر.
(٣) معاني الزجاج (٣ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨).
(٤) الحجة للفارسي (٣ / ٤١) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٩١) ، والكشف (٢ / ٣٨) ، والنشر (٢ / ٣٠٤) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٩) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٧٤).