فإن قيل : بماذا انتصب «قطرا»؟
قلت : بأقرب الفعلين إليه وهو «أفرغ».
فإن قيل : ما منعك أن تقول العامل فيه «آتوني»؟
قلت : ما يفتقر إليه من إضمار مفعول آخر ، تقديره : أفرغه عليه.
فإن قيل : فقد ألزمت مثل هذا الإضمار لأنك إذا نصبته ب «أفرغ» أضمرت «قطرا» ، تقديره : آتوني قطرا أفرغ عليه قطرا ، فأي فرق بين الإضمارين؟
قلت : الفرق بينهما أنك التزمت مع الإضمار الفصل بين العامل والمعمول فيه وأنا سالم من ذلك.
(فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً (٩٧) قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨) وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً)(٩٩)
قوله : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) أصلها : استطاعوا ، فلما اجتمع الحرفان المتقاربان حذف الأكثرون التاء ؛ طلبا للخفّة.
وقرأ حمزة بتشديد الطاء على إدغام التاء فيها (١) ، وفيه بعد ؛ لما يستلزم من
__________________
ـ عن أبي بكر النسفي. وسنده ضعيف ، فإنه مرسل ، بل معضل ، حيث قال قتادة : ذكر لنا أن رجلا قال : يا نبي الله رأيت سد يأجوج ومأجوج. وانظر : الوسيط (٣ / ١٦٨) ، وزاد المسير (٥ / ١٩٣).
(١) الحجة للفارسي (٣ / ١٠٧) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٤٣٥) ، والكشف (٢ / ٨٠) ، والنشر في القراءات العشر (٢ / ٣١٦) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٩٥) ، والسبعة في القراءات (ص : ٤٠١).