يعاجلهم بالعقوبة.
ثم استشهد على ذلك بما يشاهدونه عيانا فقال : (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا) يعني : من الذنوب (لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) في الدنيا ، (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) للبعث والحساب والجزاء (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) منجى وملجأ ، يقال : وأل يئل وألا ؛ إذا نجا (١). قال الأعشى :
وقد أخالس ربّ البيت مقلته |
|
وقد يحاذر مني ثم ما يئل (٢) |
قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرى) يريد قرى ثمود ولوط وغيرهم من المهلكين بشركهم (أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) وقتا معلوما لا يتأخرون عنه.
قرأ حفص : «لمهلكهم» بفتح الميم وكسر اللام. وقرأت لعاصم من رواية أبان عنه ، ومن طريق الكسائي عن أبي بكر عنه ، ومن طريق يحيى والعليمي أيضا : «لمهلكهم» بفتح الميم واللام الثانية ، الباقون بضم الميم وفتح اللام (٣).
قال الزجاج (٤) : تأويل المهلك ـ يريد ما قرأه الأكثرون ـ على ضربين ؛ على المصدر وعلى الوقت. فمعنى المصدر : لإهلاكهم ، ومعنى الوقت : لوقت
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : وأل).
(٢) البيت للأعشى. وهو في : شرح القصائد العشر (ص : ٤٩٣) ، ومجاز القرآن (١ / ٤٠٨) ، والطبري (١٥ / ٢٦٩) ، والقرطبي (١١ / ٨) ، وروح المعاني (١٥ / ٣٠٦) ، والدر المصون (٤ / ٤٦٦).
(٣) الحجة للفارسي (٣ / ٩٣) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٤٢١) ، والكشف (٢ / ٦٥) ، والنشر في القراءات العشر (٢ / ٣١١) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٩٢) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٩٣).
(٤) معاني الزجاج (٣ / ٢٩٧).