أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ)(٣٧)
قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) أي : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم ، (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) وهو العذاب ، أو يوم القيامة.
(كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وهم كفار الأمم السالفة ، أي : كذبوا كما كذب هؤلاء. (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) بتعذيبهم (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بالكفر والمعاصي.
(فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) من الشرك ، (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) من العذاب.
(وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ..). الآيةمفسرة في سورة الأنعام (١).
قال الزجاج (٢) : قالوا هذا على جهة الهزء ، ولو قالوا هذا معتقدين لكانوا مؤمنين. وقد اتفقت الأمة على أن الله تعالى لو شاء أن لا يعبدوا غيره مشيئة اضطرار إلى ذلك ؛ لم يقدر أحد على غير ذلك ، ولكن الله تعالى جلّ اسمه تعبّد العباد ، ووفّق من أحبّ توفيقه ، وأضلّ من أحبّ إضلاله.
وما بعده ظاهر ومفسر إلى قوله تعالى : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا
__________________
(١) عند الآية رقم : ١٤٨.
(٢) معاني الزجاج (٣ / ١٩٧).