فيقولون : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) أي : أنزل خيرا.
ثم فسره فقال : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا) بقول : لا إله إلا الله (حَسَنَةٌ) وهي الجنة. هذا قول أكثر المفسرين (١).
ويجوز عندي أن يكون المعنى : للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ، وهو ما جوزوا به من عز الإسلام وعلو سلطانه ، وخضوع الأمم لهم ، وفتح البلاد عليهم ، وجباية الأموال إليهم ، ألا تراه قال : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) يعني : الجنة خير ما جوزوا به في الدنيا.
وهذه الجملة وهي قوله : «للذين أحسنوا» وما في خبرها مفسر للجملة التي قبلها ، فهي بدل منها (٢). ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ عدة للقائلين.
ثم مدح الله تعالى دار الآخرة فقال : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) ، وفيه إضمار تقديره : ولنعم دار المتقين دار الآخرة ، فحذف المخصوص بالمدح ؛ لظهور الدلالة عليه (٣).
قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ) مبتدأ أو خبر مبتدأ محذوف أو بدل من المخصوص بالمدح (٤).
وما بعده ظاهر مفسر إلى قوله : (طَيِّبِينَ) وهو حال من المفعول (٥). التقدير : تتوفاهم الملائكة طاهرين من دنس الشرك ، أو طيبة أنفسهم بالموت لما بشروا به
__________________
(١) زاد المسير (٤ / ٤٤٣) ، والقرطبي (١٠ / ١٠٠).
(٢) الدر المصون (٤ / ٣٢٤).
(٣) قوله : «عليه» : مكرر في الأصل.
(٤) التبيان (٢ / ٨٠) ، والدر المصون (٤ / ٣٢٤).
(٥) التبيان (٢ / ٨٠) ، والدر المصون (٤ / ٣٢٥).