كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٤)
وما بعده سبق تفسيره (١) إلى قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي : يفضيه ويمضيه.
(ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) قال ابن السائب : ما من شفيع من الملائكة والنبيين إلا من بعد أمره في الشفاعة (٢).
(ذلِكُمُ) إشارة إلى الله الخالق الموصوف بالاستواء على العرش وتدبير الأمر ، هو (اللهُ رَبُّكُمْ) لا الأصنام التي لا تعقل ولا تقدر على شيء (فَاعْبُدُوهُ) وحّدوه (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) تذكرا ينبهكم من رقدة غفلتكم ويرشدكم إلى قبح ما سوّلت لكم أنفسكم وزيّنت لكم شياطينكم من عبادة أحجار تنحتونها بأيدكم ، وتماثلون بينها وبين ربكم العظيم الذي خلق ورزق ودبّر ، وقضى وقدّر.
ثم خوّفهم البعث فقال تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) «مرجعكم» : مبتدأ ، خبره : «إليه». «جميعا» حال من الكاف والميم ، (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) مصدران (٣).
قوله تعالى : (إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) استئناف خارج مخرج التعليل لما ذكره من الوعيد بالرجوع إليه ليجازيهم على الأعمال التي أسلفوها.
وقرأت لأبي جعفر : «حقا أنه» بفتح الهمزة ، على معنى : لأنه أو بأنه ، أو هو منصوب بالفعل الذي نصب «وعد الله» ، أي : وعد الله (٤).
قوله : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ) أي : بالعدل ، وهو
__________________
(١) عند تفسير الآية (٥٤) من سورة الأعراف.
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٥٣٨) ، والماوردي (٢ / ٤٢٢) بلا نسبة.
(٣) انظر : التبيان (٢ / ٢٤) ، والدر المصون (٤ / ٥).
(٤) النشر (٢ / ٢٨٢) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٤٧).