وقال ابن الأنباري (١) : (كِتابُ مُوسى) مفعول في المعنى ؛ لأن جبريل تلاه على موسى فارتفع الكتاب ، وهو مفعول بمضمر بعده تأويله : ومن قبله كتاب موسى كذلك ، أي : تلاه جبريل أيضا.
قلت : ويؤيد هذا المعنى قراءة من قرأ «كتاب موسى» بالنصب (٢).
قوله تعالى : (أُولئِكَ) أصحاب موسى. وقيل : أصحاب محمد. وقيل : أولئك الذين هم على بينة ، (يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي : بكتاب موسى. وقيل : بالقرآن. وقيل : بمحمدصلىاللهعليهوسلم.
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ) فإن قلنا : أن الضمير يرجع إلى «كتاب موسى» ؛ فالمراد بالأحزاب : الذين تحزّبوا على الرسل من جميع الأمم. وهو قول سعيد بن جبير (٣).
وإن قلنا : الضمير يرجع إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، أو إلى القرآن ؛ فالمراد بالأحزاب : أهل مكة ومن ضامّهم من المتحزّبين على الرسول صلىاللهعليهوسلم.
(فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) إن قيل : لم حذفت النون؟
قلت : لشبهها إذا أسكنت بحروف المد واللين ، وكثرة دورها في الكلام ، فإن تحركت اختل أحد السببين ، فلا يجوز : لم يك الرجل منطلقا ، ألا ترى أنه لا يجوز : لم يه زيد ولم يص ، في لم يهن ولم يصن ، فإن تحرك ما بعدها وسكنت النون جاز إثبات النون وحذفها.
__________________
(١) انظر : زاد المسير (٤ / ٨٧).
(٢) البحر المحيط (٥ / ٢١١).
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ١٩) ، وابن أبي حاتم (٦ / ٢٠١٥). وانظر : الماوردي (٢ / ٤٦٢).