فصل
ذهب قوم إلى أن نصب الميزان يوم القيامة مجاز عن إرصاد الحساب السوي ، والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة ، فمثّل ذلك بنصب الموازين تحقيقا لمعنى العدل.
والصحيح الذي عليه علماء النقل وأئمة الحديث وأعلام الفقهاء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة فمن بعدهم : أنه ميزان ذو لسان وكفّتين (١) ؛ لما أخبرنا به الشيخان الحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي (٢) قراءة عليه وأنا أسمع بحران ، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الدّنبلي (٣) بقراءتي عليه بالموصل غير مرة ولا مرتين ، قالا : أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني (٤) بثغر الإسكندرية ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن
__________________
(١) أخرجه الطبري (٨ / ١٢٣). وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤١٨) وعزاه لأبي الشيخ.
(٢) عبد القادر بن عبد الله الرهاوي الحنبلي ، الإمام الحافظ الرحال ، محدث الجزيرة. ولد بالرهاء سنة ست وثلاثين وخمسمائة ، ونشأ بالموصل ، وكان مملوكا لبعض المواصلة السفارين فأعتقه ، فطلب العلم وأقبل على الحديث. كان عالما ثقة مأمونا ، صالحا ناسكا ، خشن العيش ، إلا أنه عسرا في الرواية لا يكثر عنه إلا من أقام عنده ، توفي بحران في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة ، وله ست وسبعون سنة (سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٧١ ـ ٧٤ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٨٨).
(٣) علي بن أبي بكر بن سليمان ، أبو الحسن الدنبلي الموصلي. قدم بغداد حاجا ، وحدّث بها عن الحافظ أبي طاهر السلفي. وكان مولده بالموصل سنة ثمان وأربعين وخمسمائة (تكملة الإكمال ٢ / ٥٩٥).
(٤) أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الجرواني ، أبو طاهر السلفي ، الإمام العلامة المحدث ، الحافظ المفتي شيخ الإسلام ، ولد في سنة خمس وسبعين وأربعمائة ، وسمع الكثير ، وكان أول سماع حضره مجلس رزق الله التميمي الحنبلي ، وحدث عن الكثير أيضا ، ورحل ، فدخل بغداد ثم الشام ، ثم ارتحل منها إلى خراسان ، وحج وسمع بمكة والمدينة ، وارتحل إليه خلق كثير جدا ، ـ