وقال عطاء بن أبي رباح : حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما قال هذا الحديث في المنافقين خاصة ، الذين حدثوا النبي صلىاللهعليهوسلم فكذبوه ، وائتمنهم على سرّه فخانوه ، ووعدوه أن يخرجوا معه في الغزو فأخلفوه (١).
قوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ) وهو ما أضمروه في أنفسهم من النفاق والتكذيب ، والعزم على إخلاف ما وعدوه ، (وَنَجْواهُمْ) ما يتناجون به في الطعن في الدين وتكذيب سيد المرسلين.
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٧٩)
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ) أخرجا في الصحيحين من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : «لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا ، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا : مراء ، وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا : إن الله لغني عن صاع هذا ، فنزلت : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ) ... الآية» (٢).
قال أهل التفسير : حض النبي صلىاللهعليهوسلم يوما على الصدقة ، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب ، وقيل : بنصف ماله وكان ثمانية آلاف ، فقال : يا رسول الله ، كان لي ثمانية آلاف أقرضت ربي نصفها ، وتركت لعيالي نصفه ، فقال
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٠ / ١٩٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢ / ٥١٣ ح ١٣٤٩) ، ومسلم (٢ / ٧٠٦ ح ١٠١٨).