وجدب وحرّ شديد ـ كرهوا ذلك إيثارا للثمر والظلال ، وفرارا من السفر والقتال ، وكان زمن طيب الثمار واستوائها ، فنزلت هذه الآية (١).
والاستفهام في معنى التوبيخ. وأصل النّفر : مفارقة مكان إلى مكان لا هاج على ذلك ، يقال : نفر فلان إلى ثغر كذا ينفر نفرا ونفيرا (٢) ، ومنه : نفور الدابّة ونفارها.
[والأصل](٣) في" اثّاقلتم" : تثاقلتم ، ومنه على الأصل قرأ ابن مسعود والأعمش (٤) ، فأدغمت التاء في الثاء ؛ لاشتراكهما في الهمس ، وتقاربهما في المخرج ، ثم اجتلبت الهمزة توصلا إلى النطق بالساكن. والمعنى : تثاقلتم وتقاعستم ذهابا مع طلب الراحة والدّعة.
(أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا) المنغّصة بالفناء (مِنَ الْآخِرَةِ) المخصّصة بالبقاء ، (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وهو نعيمها الذي ملتم إليه بالنسبة إلى نعيم الآخرة (إِلَّا قَلِيلٌ).
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٠ / ١٣٤) ، وابن أبي حاتم (٦ / ١٧٩٦) كلاهما عن مجاهد ، ومجاهد في تفسيره (ص : ٢٧٨ ـ ٢٧٩). وانظر : الوسيط (٢ / ٤٩٥) ، وأسباب النزول للواحدي (ص : ٢٥٠ ـ ٢٥١). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ١٩٠) وعزاه لسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٢) انظر : اللسان ، مادة : (نفر).
(٣) في الأصل : والأ.
(٤) إتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٤٢).