عليه ، فقطع عليّ القراءة مرة أو مرتين ثم قال : قالوا وقلنا ، وقلنا وقالوا ، فلا هم يرجعون إلينا في قولنا ولا نحن نرجع إليهم ، فأي فائدة في هذا. ثم كرر عليّ الكلام ، فقلت في نفسي : والله ما عنى الشيخ بهذا أحدا غيري. فتركت الاشتغال بالخلاف ، وقرأت مختصر أبي القاسم الخرقي.
قال الحافظ : ورأيت بعد ذلك ما زادني يقينا وعلمت أن ذلك [تثبيت](١) من الله عزوجل لي وتعليم ؛ لأعرف حق نعمة الله عليّ وأشكره ، إذ أنقذني من اعتقاد البدعة إلى اعتقاد السنة ، والله المسؤول الخاتمة بالموت على الإسلام والسنة (٢).
حدثنا الشيخ الصالح أبو حفص عمر بن أبي الرضي المعروف بابن زريق الشحام قال : سمعت الشيخ أبا أحمد عبد الله بن المثنى ، المعروف بابن الحداد ـ وكان من خيار عباد الله علما وعملا وزهدا وورعا ، وكان في عنفوان شبابه من غلاة الأشاعرة والدعاة إلى مذهبهم مصنفا فيه ـ ، يقول : رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم في المنام فقلت : يا رسول الله ، كثرت البدع والأهواء ، فبمن نقتدي؟ فقال : عليك بأحمد ، عليك بأحمد ، فأصبح تائبا إلى الله مما كان عليه ، معتقدا مذهب الإمام أحمد ، داعيا إليه ، واتخذ الفضيلة مسكنا ، وانقطع إلى العبادة ، وعزفت نفسه عن الدنيا وأهلها ، وصنّف في السّنّة كتبا ، وكان ذا كرامات ظاهرة.
وكتب إلى المستضيء بأمر الله كتابا بالغا يعظه فيه وخوّفه ، قال : فبلغنا أن المستضيء قرأ منه أسطرا ثم طواه ، فقيل له في ذلك فقال : رأيت كلام رجل صادق ، فخفت أن أقف منه على ما أعجز عن العمل به ، فتتأكد حجة الله عليّ ، فتركته.
__________________
(١) في الأصل : تثبت. والتصويب من التوابين (ص : ٢٣٥).
(٢) أخرجه ابن قدامة في التوابين (ص : ٢٣١ ـ ٢٣٥).