قوله تعالى : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) أي : [سكتت](١) فورته وخمدت ناره (أَخَذَ الْأَلْواحَ) يريد : ما بقي منها (وَفِي نُسْخَتِها) قال ابن قتيبة (٢) : أي : فيما نسخ فيها ، (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) أي : يخافون ، ودخلت اللام تقوية للفعل وجبرا لما كسبه تقديم معموله عليه من الضعف.
(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) (١٥٥)
قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) أي : من قومه ، فلما سقط الحرف الجار تعدى الفعل فنصب (٣) ، كقول الشاعر :
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نشب (٤) |
تقدبره: أمرتك بالخير.
والنّشب : المال والعقار.
اختلف العلماء في سبب هذا الإخبار ، فقال السدي : أمره الله أن يأتي في ناس
__________________
(١) في الأصل : سكت. والصواب ما أثبتناه.
(٢) تفسير غريب القرآن (ص : ١٧٣).
(٣) انظر : الرازي (١٥ / ١٥) ، وروح المعاني (٩ / ٧١ ـ ٧٢).
(٤) البيت لعمرو بن معدي كرب ، انظر : ديوانه (ص : ٦٣) ، وخزانة الأدب (٩ / ١٢٤) ، ومغني اللبيب (ص : ٣١٥) ، والدر المصون (١ / ٢١٠).