عمران إنه لا يراني أحد فيحيا ، قال موسى : رب لا شريك لك ، إني أن أراك وأموت أحبّ إلي من أن لا أراك وأحيا ، رب أتمم عليّ نعماك وفضلك وإحسانك بهذا الذي أسألك ، وأموت على إثر ذلك.
قال : وأخبرنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : «لما رأى الله الرحيم بخلقه من حرص موسى على أن يعطيه سؤله ، قال : انطلق فانظر الحجر الذي في رأس الجبل فاجلس عليه ، فإني مهبط عليك جندي ، ففعل. فلما استوى عليه عرض الله عليه جنود سبع سموات ، فأمر ملائكة سماء الدنيا أن يعترضوا عليه ، فمرّوا بموسى ولهم أصوات مرتفعة بالتسبيح والتهليل كصوت الرعد الشديد ، ثم أمر ملائكة السماء الثانية أن يعترضوا عليه ، ففعلوا ، فمرّوا به على ألوان شتى ذوو وجوه وأجنحة ، منهم ألوان الأسد ، رافعي أصواتهم بالتسبيح ، ففزع موسى منهم ، وقال : أي رب إني ندمت على مسألتي ، رب هل أنت منجيّ من مكاني الذي أنا فيه؟ قال له رأس الملائكة : يا موسى اصبر على ما سألت ، فقليل من كثير ما رأيت. ثم أمر الله ملائكة السماء الثالثة أن اهبطوا فاعترضوا على موسى ، فأقبل ما لا يحصى عددهم على ألوان شتى ألوانهم كلهب النار ، لهم زجل بالتسبيح والتهليل ، فاشتد فزع موسى وساء ظنه وأيس من الحياة ، فقال له رأس الملائكة : يا ابن عمران ، اصبر حتى ترى ما لا تصبر عليه ، ثم أوحى الله تعالى إلى ملائكة السماء الرابعة أن اهبطوا إلى موسى [بالتسبيح](١) ، فهبطوا ألوانهم كلهب النار وسائر خلقهم كالثلج ، لهم أصوات عالية بالتسبيح والتقديس ، لا تشبه أصوات الذين
__________________
(١) زيادة من التوابين (ص : ١٤).