قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (١٢٩)
(قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ) قرأ حفص وورش : «آمنتم» بهمزة واحدة على الخبر ، والباقون بالاستفهام ، على تفصيل لهم (١) ، وكذلك الذي في طه (٢) والشعراء (٣).
والمعنى : أصدقتم موسى (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ).
ثم أخذ الخبيث عند ظهور الحق يموّه على الخلق فقال : (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ) أي : تصنيع صنعتموه في المدينة فيما بينكم وبين موسى في مصر قبل خروجكم إلى الصحراء (لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها) يعني : القبط ، وتسكنوها بني إسرائيل. ثم هدّدهم فقال : (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ).
ثم فصّل ما أجمله من الوعيد فقال : (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) يريد : قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى.
قال ابن عباس : أول من قطع ذلك وصلب فرعون (٤).
(قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) فيجازى كلّا بعمله.
(وَما تَنْقِمُ مِنَّا) أي : ما تعيب منا (إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا) التي جاء بها موسى
__________________
(١) الحجة للفارسي (٢ / ٢٦٠ ـ ٢٦١) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٢٩٣) ، والكشف (١ / ٤٧٣) ، والنشر (٢ / ٢٧١) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٢٨) ، والسبعة في القراءات (ص : ٢٩٠).
(٢) عند الآية رقم : ٧١.
(٣) عند الآية رقم : ٤٩.
(٤) أخرجه الطبري (٩ / ٢٣) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٥٣٧). وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥١٥) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.