بطنه ذلك اليوم أربعمائة مرة ، ولم يستمسك بطنه بعد ذلك حتى هلك (١).
ويروى : أن الناس ازدحموا حين انهزموا منها ، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا (٢).
(وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) قال ابن عباس : أدخلها في جيبه ثم أخرجها فإذا هي تبرق مثل البرق ، لها شعاع غلب نور الشمس ، فخروا على وجوههم ، ثم أدخلها إلى جيبه فعادت كما كانت (٣).
فلما شاهدوا هذه الخوارق نسبوه إلى السحر ، فذلك قوله حاكيا عنهم : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ).
فإن قيل : القصة واحدة ، فكيف عزا هذا القول هاهنا إلى الملأ ، وعزاه في الشعراء إلى فرعون فقال : (قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ)؟
قلت : إما أن يكون القول صدر منه ومنهم ، فحكاه سبحانه تعالى في أحد الموضعين عنه ، وفي الآخر عنهم. وإما أن يكون ابتداء القول من فرعون ، فتلقّاه الملأ فقالوه لمن دونهم في الرتبة على قبيل التبليغ.
والمعنى : إن هذا لساحر حاذق يعلم السحر ، يأخذ بأعين الناس بخداعه إياهم حتى يخيل إليهم الشيء بخلاف ما هو عليه ، ومنه : سحر المطر الأرض ؛ إذا قلع
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٣٩٢).
(٢) انظر : الطبري (٩ / ١٥) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٥٣٢).
(٣) أخرج نحوه الطبري (٩ / ١٥) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٥٣٣). وانظر نص المصنف في : زاد المسير (٣ / ٢٣٨).