بعدهم ، فأصابه ما أصاب قومه فهلك. وأما لقمان فقال : أعطني يا رب عمرا ، فقيل له : اختر لنفسك ، فاختار عمر سبعة أنسر ، وكان يأخذ الفرخ حين يخرج من بيضته ، فيأخذ الذّكر لقوته ، حتى إذا مات أخذ غيره ، فلم يزل يفعل ذلك حتى أتى على السابع ، فكان كل نسر يعيش ثمانين سنة ، فلما لم يبق غير واحد قال له ابن أخيه : يا عم ما بقي من عمرك إلا هذا النسر ، فقال لقمان : هذا لبد ، ولبد بلسانهم : الدهر ، فلما انقضى عمر النسر طارت النسور ولم ينهض فمات ، ومات لقمان (١).
وقد ذكر ذلك النابغة في شعره فقال :
أضحت خلاء وأضحى قومها احتملوا |
|
أخنى عليها الذي أخنى على لبد (٢) |
يريد : آخر نسور لقمان. وسنذكر إن شاء الله تعالى الريح التي أرسلت عليهم في موضعها وما جاء فيها.
ثم إن هودا عليهالسلام لحق بمكة فعبد الله بها هو وأصحابه حتى لحقوا بالله عزوجل.
(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ
__________________
(١) ذكره البغوي (٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣) ، والطبري في تاريخه (١ / ١٣٦ ـ ١٣٧).
(٢) البيت للنابغة الذبياني ، وهو في : ديوانه (ص : ٣١) ، والقرطبي (١٩ / ٢٥) ، ولسان العرب (مادة : لبد) ، والأغاني (١١ / ٣٣) ، والمستقصى في أمثال العرب (١ / ٣٧) ، وتاج العروس (مادة : لبد).