ـ وقال عند قوله تعالى : (وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ) [آل عمران : ١٦٧] : المعنى : لو نعلم ما يصح أن يسمى قتالا لاتبعناكم ، وإنما أنتم على شفا من استئصال شأفتكم ، فعلام نجعل أنفسنا فرائس الفوارس ، وأغراض الحتوف ، وجزر السيوف ، وهذا هو التأويل الذي يشهد العلم بصحته ، لا ما ذكره الماوردي (١) من أن المعنى : لو كنا نحسن القتال لاتبعناكم (٢) ، ولا ما ذكره ابن إسحاق أن المعنى : لو نعلم قتالا يجرى اليوم لقاتلنا معكم (٣) ، وهذا (٤) الذي ذكره الواحدي ، وجمهور المفسّرين. والقول الذي ذكره الماوردي رديء جدا.
والذي قاله ابن إسحاق قول تشهد العقول الرصينة بتفاهته ، لأن أهل النفاق رجعوا حين تراءت الفئتان ، وقامت الحرب على ساق ، فكيف يقولون ذلك بهذا الاعتبار في معرض الاعتذار ، والكفار قد أقبلوا بقضهم وقضيضهم يطلبون الأخذ بالثأر ، من المهاجرين والأنصار.
ـ وقال عند قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ
__________________
(١) علي بن محمد بن حبيب ، الماوردي ، أبو الحسن البصري ، كان من وجوه فقهاء الشافعية ، وله تصانيف كثيرة ، في أصول الفقه وفروعه ، توفي سنة خمسين وأربعمائة. (تاريخ بغداد (١٢ / ١٠٢) ، والمنتظم (٨ / ١٩٩) ، وطبقات الشافعية للأسنوي (٢ / ٣٨٧).
(٢) لم أجد ما ذكره المؤلف عن الماوردي في تفسيره المطبوع ، وقد ذكر محقق تفسير الماوردي : أن العبارة عند هذه الآية مضطربة ، فصوّبها من السيرة ، فلعله أسقط تفسير الآية ، وقد نسب هذا القول أيضا للماوردي ابن الجوزي في زاد المسير (١ / ٤٩٨).
(٣) زاد المسير (١ / ٤٩٨).
(٤) يعني ما ذهب إليه ، من القول الأول.