كقوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠] ؛ لأن الرّجس قد يكون غير الأوثان.
قال الفراء (١) : يريد بقوله : (مُنْفَكِّينَ) أي : لم يكونوا منتهين حتى تأتيهم البينة ، وهي بعث محمد صلىاللهعليهوسلم ، قال : وقال آخرون : لم يكونوا تاركين صفته في كتابهم أنه نبي حتى ظهر ، فلمّا ظهر تفرقوا واختلفوا ، ويصدق ذلك : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) [البينة : ٤].
والانفكاك هاهنا : التّفرق ، ومنفكين هاهنا : من قولهم : ما انفك زيد قائما ، وأجاز ذلك الفراء ، وإذا كانت كذلك وجب أن يكون لها خبر ، ولا خبر هاهنا ، [فلمّا](٢) [١٢٠ / و] كان كذلك وجب الوجه الأول (٣).
و (رَسُولٌ) بدل من (الْبَيِّنَةُ)(٤) ، وقال الفراء (٥) : هو مستأنف ، والتّقدير : هو رسول من الله ، أو : هي.
وفي قراءة أبي «رسولا من الله» بالنّصب. على القطع ، أي : الحال (٦) ، والبينة : الحجة (٧).
قوله تعالى : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : ٥] ، فيه قولان :
أحدهما : أن المعنى : ذلك دين الملّة القائمة أو الشّريعة (٨).
والثاني : أن المعنى : ذلك دين الأمة القائمة أو الفرقة القائمة ، والقائمة والقيّمة بمعنى واحد (٩).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ) [البينة : ٦].
__________________
(١) في معانيه : ٣ / ٢٨١.
(٢) بياض في الأصل ، والزيادة يقتضيها السياق.
(٣) ينظر جامع البيان : ٣٠ / ١٦٩ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٧٤٨ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٣٢.
(٤) هذا قول الزجاج في معانيه : ٥ / ٣٤٩ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٣٢.
(٥) في معانيه : ٣ / ٢٨٢ ، وجوزه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٧٤٨.
(٦) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٨٢.
(٧) بحر العلوم : ٣ / ٤٩٩ ، والنكت والعيون : ٦ / ٣١٦.
(٨) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٤٩ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٣٢.
(٩) معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٣١ ، معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٣٥٠ ، إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٥٠.