أحدهما : أنه قد تكون نارا ليست ذات وقود كنار الحجر ، ونار الليل ، فقيّدت هاهنا للفرق.
والثاني : أنه معرّف ، فصار مخصوصا كأنه وقود بعينه (١).
واختلف في (أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) : فقيل : هم قوم مؤمنون أحرقهم قوم من المجوس ، وهذا مروي عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه (٢).
وقيل : كانوا من بني إسرائيل ، وهو قول الضّحاك (٣).
وقيل : (قُتِلَ) بمعنى : لعن ، أي : لعنوا بتحريقهم في الدنيا (٤). وقيل : إنّ الكفار الذين كانوا قعودا على النار ، خرج إليهم منها إنسان فأحرقهم عن آخرهم (٥).
وقيل : كانوا نصارى من أهل نجران (٦) ، حدثني أبي عن عمه عن منذر بن سعيد عن أبي النجم عصام بن منصور عن أبي بكر أحمد بن عبد الله البرقي ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام ، قال : حدثنا زياد بن عبد الله قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : كان أهل نجران جاهلية يعبدون نخلة ، فوقع إليهم رجل من أهل ملة عيسى يقال له (فيميمون) ، وكان أهل نجران يبعثون أولادهم إلى ساحر هنا لك يتعلمون منه ، فأنفذ رجل يقال له (الثامر) ابنا له يسمى (عبد الله) ليتعلم السحر ، وكان (فيميمون) على طريقه ، فعدل إليه (عبد الله) وأعجبه ما رأى منه ، فاتّبعه على دينه ، وسأله أن يعلمه اسم الله الأعظم ، وكان (فيميمون) إذا أتى بعليل دعا له بذلك الاسم فيشفى ، فقال لعبد الله : [١١٤ / ظ] يا ابن أخي إنّك لن تقدر أن تحمله وأخشى ضعفك عنه ، فلما رأى (عبد الله) أن صاحبه قد ضنّ عليه بالاسم ، عمد إلى قداح فجمعها ، فلم يدع اسما الله تعالى إلا كتبه في قدح منها ثم أوقد نارا وأقبل يقذف فيها قدحا قدحا حتى إذا مرّ بالاسم الأعظم قذفه فيها ، فوثب القدح حتى خرج منها لم يضره شيئا ، فأخذه ثم أتى صاحبه فأخبره فقال له : ما هو؟ فقال : كذا وكذا ، قال : وكيف علمت؟ فأجبره بما صنع ، فقال : يا ابن أخي قد أصبته ، فأمسك على نفسك ،
__________________
(١) ينظر التبيان في تفسير القرآن : ١٠ / ٣١٧.
(٢) ينظر زاد المسير : ٨ / ٢١٧.
(٣) المصدر نفسه : ٨ / ٢١٩. وفيه أسند هذا القول إلى ابن عباس.
(٤) التبيان في تفسير القرآن : ١٠ / ٣١٧.
(٥) المصدر نفسه.
(٦) هذا قول مجاهد كما في زاد المسير : ٨ / ٢١٩.