قرأ ابن كثير وأبو عمرو يَوْم لا تَمْلِكُ بالرفع جعلاه بدلا من قوله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ،) كأنه في التقدير : وما أدراك ما يوم لا تملك.
وقرأ الباقون بالنصب [١١٣ / و] على البدل (١) من قوله تعالى : (يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ) [الانفطار : ١٥] ، وهذا قول البصريين (٢) ، وقال الكوفيون (٣) : هو في موضع رفع ، إلا أنه مبني ؛ لأنه مضاف إلى الفعل ، والبصريون يقولون : إذا أضيف إلى فعل معرب لم يبن ، وإنما يبنى إذا أضيف إلى فعل مبني كالماضي.
ومن سورة المطففين
قوله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) [المطففين : ١ ـ ٣].
التطفيف : التنقيص (٤) ، ويروى عن ابن مسعود أنه قال : الصلاة مكيال ، فمن وفى وفي له ، ومن طفف فقد سمعتم ما قال الله تعالى في المطففين (٥).
والرفع في المصدر الذي ليس له فعل الوجه ، نحو قوله : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ،) فان كان له فعل كان الوجه النصب ، نحو : حمدا وشكرا (٦) ، فلذلك أجمع القراء على الرفع ، والنصب جائز (٧).
قال الفراء (٨) : نزلت هذه السورة أول ما قدم النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وكان أهلها إذا تبايعوا كيلا أو وزنا استوفوا وأفرطوا ، وإذا باعوا نقصوا ، فنزلت (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] ، فآمنوا (٩) فهم أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا.
__________________
(١) ينظر السبعة : ٦٧٤ ، والحجة لابن خالويه : ٣٦٥ ، ومعاني القراءات : ٣ / ١٢٤ ، والمبسوط : ٤٦٥.
(٢) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٢٩.
(٣) يقصد الكسائي والفراء ، فهذا رأيهما في معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٤٥.
(٤) ينظر اللسان : ٩ / ٢٢١ (طفف).
(٥) النكت والعيون : ٦ / ٢٢٥.
(٦) ينظر الكتاب : ١ / ١٦٦ ، و ١٦٧ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٦٥.
(٧) ينظر معاني القرآن وإعرابه : / ٢٣٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٦٤٨ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٠٥.
(٨) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٤٥ ، وأسباب نزول الآيات : ٢٩٨.
(٩) في معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٤٥ (فانتهوا).