هذه الآية وما بعدها نزلت في عبد الله ابن أم مكتوم (١) ، وهو قول ابن عباس وقتادة والضحّاك ، وابن زيد وابن إسحاق ، قال ابن إسحاق : كان النبي صلىاللهعليهوسلم قد وقف مع الوليد ابن المغيرة يكلمه وقد طمع في إسلامه ، فمرّ به عبد الله بن أم مكتوم فوقف يسأله عن شيء ، أو قال : يستقريه القرآن ، فشقّ ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أضجره ؛ لأنه يشغله عمّا كان فيه من أمر الوليد ، وما طمع فيه من إسلامه ، فلما أكثر عليه انصرف عنه عابسا وتركه فعاتبه الله تعالى على ذلك (٢).
وموضع (أَنْ) نصب على أنه مفعول له ، أي : من أجل أن جاءه الأعمى ، ولأن جاءه (٣) ، وزعم بعض الكوفيين [١١٢ / ظ] أنها بمعنى (إذ) (٤) ، وليس بشيء.
قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) [عبس : ٢٤ ـ ٢٥].
قرأ حمزة والكسائي وعاصم (أَنَّا) بفتح الهمزة وقرأ الباقون بالكسر (٥) ، والكسر على الاستئناف ، والفتح على البدل من (طَعامِهِ ،) فموضعها على هذا جر ، كأنه قال : فلينظر الإنسان إلى أنّا صببنا الماء ، وهذا بدل الاشتمال (٦) ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو أنّا صببنا الماء.
ومن سورة كورت (٧)
قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) [التكوير : ١ ـ ٢].
ارتفعت (الشَّمْسُ) بفعل مضمر تقديره : إذا كورت الشمس كورت ، ولا يجوز إظهاره ؛ لأن ما بعده يفسره ، وإنما احتيج إلى إضمار فعل ؛ لأن (إِذَا) فيها معنى الشرط ،
__________________
(١) هو عبد الله بن زائدة بن أم مكتوم ، استشهد يوم القادسية ، ويقال : مات في المدينة.
ينظر سير أعلام النبلاء : ١ / ٣٦٥ ، والإصابة : ٤ / ٤٩٤.
(٢) ينظر أسباب نزول الآيات : ٢٩٧ ، والسيرة النبوية لابن كثير : ٢ / ٥٥.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٣٥ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٢٠ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٠١.
(٤) روى هذا الوجه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٦٢٦ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٠١.
(٥) ينظر السبعة : ٦٧٢ ، والمبسوط : ٤٦٢.
(٦) بمثل هذا التعليل علل الأزهري في معاني القراءات : ٣ / ١٢٢ ، والفارسي في الحجة : ٦ / ٣٧٨ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٠٢ ، ورفض الجر على البدلية النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٦٣٠.
(٧) وهي سورة التكوير.