أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) [النبأ : ٢١ ـ ٢٤].
المرصاد : المرقب ، وهو مفعال من الرّصد (١) ، والأحقاب : جمع حقب وهو ثمانون سنة (٢) ، والبرد : النوم ، والعرب تقول : منع البرد البرد ، أي : منع البرد النوم (٣) ، وقال الشاعر (٤) :
بردت مراشفها عليّ فصدّني |
|
عنها وعن قبلاتها البرد |
ومما يسأل عنه أن يقال : قد ذكر الله تعالى أنهم خالدون فيها أبدا ، وقد حدد خلودهم هاهنا بقوله : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً)
وللعلماء في هذا عشرة أقوال (٥) :
أحدها : أن المعنى : أحقابا لا انقطاع لها ، كلما مضى حقب جاء بعده حقب ، والحقب ثمانون سنة من سني الآخرة ، وهذا قول قتادة.
والقول الثاني للربيع ، وهو أنه قال : هذه أحقاب لا يعلم عددها إلا الله تعالى.
والثالث للحسين : وهو أنها أحقاب ليس لها عدة إلا الخلود في النار ، ولكن قد ذكروا أن الحقب الواحد سبعون ألف سنة ، كل يوم من تلك السنين ألف سنة لقوله تعالى : (كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج : ٤٧].
والرابع للمبرد قال المعنى : أنهم لابثون فيها أحقابا ، هذه صفتها.
والخامس : لخالد بن معدان (٦) ، قال : يعني له : أهل التوحيد.
والسادس لمقاتل ، قال : هي منسوخة بقوله : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) [النبأ : ٣٠] ، وفيه نظر ؛ لأنه خبر ، والنّسخ لا يكون في الخبر.
__________________
(١) ينظر الصحاح : ٢ / ٤٧٤ (رصد).
(٢) المصدر نفسه : ١ / ١١٤ (حقب).
(٣) المصدر السابق : ٢ / ٤٤٦ (برد).
(٤) قائله الكندي كما في جامع البيان : ٣٠ / ١٧ ، وتفسير القرآن العظيم : ٤ / ٤٩٥ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٨٢ بلا نسبة.
(٥) ينظر أقوال العلماء في معنى (أحقابا) في : جامع البيان : ٣٠ / ١٥ ـ ١٦ ، وبحر العلوم : ٣ / ٤٣٩ ، والنكت والعيون : ٦ / ١٨٦ ، والمحرر الوجيز : ٥ / ٤٢٥.
(٦) ابن أبي كرب الكلاعي ، أبو عبد الله ، من الزهاد (ت ١٠٤ ه). ينظر ترجمته في : مشاهير علماء الأمصار : ١٨٣.