أحدهما : أن تكون بمعنى (عن) وعلى هذا تأويل قول الحسن ؛ لأنهم سألوا عن العذاب : لمن هو.
والقول الثاني : أن (الباء) على بابها للتعدي ، والتقدير : سأل سائل بإنزال عذاب واقع ، وهذا على تأويل قول مجاهد أنه يعني به النضر بن الحارث.
ومن ترك الهمز جاز في قراءته ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه خفف الهمزة استثقالا لها.
والثاني : أنها لغة ، حكى سيبويه (١) : سلت أسال على وزن : خفت أخاف ، قال حسان (٢) :
سالت هذيل رسول الله فاحشة |
|
ضلّت هذيل بما سالت ولم تصب |
والثالث : أنّه من (السّيل) يقال : سال يسيل سيلا ، والتّقدير : سال سيل سائل بعذاب واقع ، و (الباء) على هذا القول للتعدي وفي القولين الأولين يجوز أن تكون للتّعدية على قول مجاهد ، وبمعنى (عن) على قول الحسن (٣).
قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى) [المعارج : ١٥ ـ ١٦].
لظى : اسم من أسماء جهنم (٤) ، والنزع : الاقتلاع ، وقيل : (نَزَّاعَةً) للتكثير (٥) ، والشّوى هاهنا جلدة الرأس ، والشوى في غير هذا الموضع : الأطراف ، كاليدين والرجلين ، والشوى أيضا : كل ما يعدو المقتل ، يقال : رماه فأشواه (٦).
ويسأل عن الرفع في قوله : (لَظى (١٥) نَزَّاعَةً ،) ما موضعها من الإعراب؟
والجواب : أن فيها ثلاثة أوجه (٧) :
__________________
(١) الكتاب : ١ / ١٣٠ ، و ١٧٠.
(٢) ديوانه : ٣٤ ، وهو من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ١٣٠ ، والمبرد في المقتضب : ١ / ١٦٧ ، والفارسي في الحجة في علل القراءات السبع : ٦ / ٣١٧ ، وابن جني في المحتسب : ١ / ٩٠.
(٣) نبه على كل هذا ابن خالويه في الحجة في القراءات السبع : ٣٥٢ ، والأزهري في معاني القراءات : ٣ / ٨٨ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٥٦.
(٤) بحر العلوم : ٣ / ٤٠٣ ، والنكت والعيون : ٦ / ٩٣.
(٥) ينظر الصحاح : ٣ / ٢٨٩ (نزع).
(٦) ينظر العين : ٦ / ٢٩٧ (شوي).
(٧) ذكرها الطبري في جامع البيان : ٢٩ / ٩٣ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٧٢ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٥٠٧ ، والجامع النحوي في كشف المشكلات : ٢ / ٣٨٤.