ويسأل عن موضع (أَعْبُدُ) من الإعراب؟
وفيه جوابان :
أحدهما : أنه لا موضع لها من الإعراب ؛ وذلك إذا جعلت التقدير : أعبد غير الله فيما تأمرونني أيها الجاهلون (١).
والثاني : أن يكون موضعه نصبا على الحال ، وذلك إذا لم تجعل (تَأْمُرُونِّي) اعتراضا ، فيكون التقدير : أتأمرونني عابدا غير الله ، فخرّجه مخرج الحال ، ومعناه : أن أعبد ، على تقدير المصدر ، والمصدر قد يأتي في موضع الحال ، نحو قولك : جئته ركضا ومشيا وكلمته مشافهة وشفاها (٢).
وارتفع (أَعْبُدُ) لأنك لما حذفت (أن) رجع الفعل إلى أصله (٣) ، قال طرفة (٤) :
ألا أيّهذا الزّاجريّ أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي |
يريد : أن أحضر ، فلمّا (أن) ارتفع الفعل ، ورواه بعضهم بالنصب على إضمار (أن) ؛ لأن الثانية تدل عليها (٥).
قال تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣]
يسأل عن دخول هذه (الواو) هاهنا ، وعن جواب (إِذا) من قوله : (حَتَّى إِذا؟)
فذهب المبرد (٦) إلى أن (الواو) زائدة ، والمعنى : حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ، وكان ينكر قول من يقول هي (واو الثمانية) ، قال : لأن هذا غير معروف في كلام العرب ، وأنشد (٧) :
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى |
|
بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل |
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ٢٤ / ٣٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٢٧٢.
(٢) وضح هذا الرأي مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٦٣٢.
(٣) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٨٢٨.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) ينظر المحتسب : ٢ / ٣٣٨.
(٦) ينظر المقتضب : ٢ / ٨٠ ، وشرح عيون الإعراب : ٢٤٩.
(٧) البيت لامرئ القيس ، في ديوانه : ١٥ ، وهو من شواهد ابن جني في المنصف : ٣ / ٤١ ، والباقلاني في إعجاز القرآن : ١٧٦. وخبت : صحراء بين مكة والمدينة ، وقيل : هي ماء لبني كلب. ينظر معجم البلدان : ١ / ٣٦٥.