عن عاصم (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) بالتنوين وجر الكواكب (١).
فمن أضاف ولم ينون جعل المصدر الذي هو (زينة) مضافا إلى الكواكب ، وأما من نون ونصب (الكواكب) فإنه نصبها (بزينة) ، كأنه قال : ولقد زينا السماء الدنيا بأن زينا الكواكب ؛ لأن تزيين الكواكب تزيين للسماء. ومن نون وجر جعل الكواكب بدلا من زينة ، كأنه قال : ولقد زينا السماء الدنيا بالكواكب ، وهذا من بدل الشيء من الشيء الذي هو هو ؛ لأن الكواكب هي الزينة (٢) ، ومثله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللهِ) [الشورى : ٥٢ ـ ٥٣] ، أجاز الفراء (٣) الرفع في (الكواكب) مع تنوين (زينة) على أن تكون (الكواكب) هي (الزينة) للسماء ، قال : يريد زيناها بتزينها الكواكب.
قال تعالى : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) [الصافات : ٥١]
القرين والمقارن ، والصاحب والمصاحب ألفاظ متقاربة المعنى (٤) ، والمدينون المجازون (٥) ، والسواء الوسط ، سمي سواء لاستواء المسافة منه إلى جميع جوانبه (٦) ، قال ابن عباس : كان القرين رجلا من الناس ، وقال مجاهد : كان شيطانا (٧).
وروي عن أبي عمرو (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) [الصافات : ٥٤] بكسر النّون ، رواه حسين (٨) (فأطلع) بقطع الألف والنحويون (٩) لا يجيزون ذلك ؛ لأن السماء إذا أضيفت حذفت منها النون ، فكان يجب أن يقال : هل أنتم مطلعي وإنما يقال : (يطلعون) في (يطلعونني) بحذف إحدى النونين ، كما قرأ نافع (١٠) فَبِمَ تُبَشِّرُون ، فهذا يجوز في
__________________
(١) السبعة : ٥٤٦ ، والمبسوط : ٣٧٥ ، والتبصرة : ٦٥٣ ، والتيسير : ١٨٦.
(٢) الحجة لابن خالويه : ٣٠١ ، ومعاني القراءات : ٢ / ٣١٥.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٢.
(٤) ينظر العين : ٥ / ١٤٢ (قرن).
(٥) الصحاح : ٥ / ٢١١٨ (دين).
(٦) الصحاح : ٦ / ٢٣٨٤ (سوا).
(٧) ينظر القولين في : تفسير مجاهد : ٢ / ٥٤٢ ، وجامع البيان : ٢٣ / ٦٩ ـ ٧٠ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٦ / ٢٩ ـ ٣٠.
(٨) هو الحسين بن علي بن فتح ، أبو عبد الله الجعفي ، روى القراءة عن أبي بكر بن عياش وأبي عمرو بن العلاء (ت ٢٠٣) ، ينظر ترجمته في عناية النهاية : ١ / ٢٤٧.
(٩) ينظر الكتاب : ١ / ٩٦.
(١٠) السبعة : ٣٦٧.