أمرت قلت : (قرن) كما قرأت الجماعة ، وهذا يدل على ميزان قولك : عدن ، ولا يجوز أن يكون من (القرار) لأنه إنما يقال : قرّ في المكان يقرّ بكسر القاف ، وقرّت عينه تقرّ ، فلو كان من (القرار) لقيل : اقررن ، ثم يستثقل تكرير (الراء) فتنتقل حركتها إلى القاف ، ثم تحذف إحدى الرائين لالتقاء الساكنين ، وتحذف همزة الوصل للاستغناء عنها فيبقى (قرن) كما قرأت الجماعة ، فهذان الوجهان يجوزان في قراءة من كسر ، وأما الفتح (١) فبعيد إلا أنه قد حكي : قررت في المكان أقر (٢) ، وهي لغة حكاها الكسائي ، فيجوز على هذا أن يكون الأصل (أقررن) ثم فعل به ما فعل باقررن ، ثم ألقيت فتحة الراء على القاف ، وحذفت لالتقاء الساكنين ، وحذفت الهمزة للاستغناء عنها ، كما فعل فيما تقدم ، وأكثر ما يجيء هذا في (فعلت) نحو : ظلت ظلت ومست ومست وأحسست وأحست ، وأنشد أبو زيد :
خلا أنّ العتاق من المطايا |
|
حسين به فهنّ إليه شوس (٣) |
إلا أن الفراء حكى : هنّ ينحطن من الجبل ، في معنى : ينحططن (٤).
وقيل في التبرج : التبختر ، وقيل : التكسر ، وهو قول قتادة ، وقيل الظهور (٥). [٧٤ / ظ]
قوله تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب : ٤٠]
قرأ عاصم (خاتَمَ النَّبِيِّينَ) بفتح التاء وهي قراءة الحسن ، وقرأ الباقون بالكسر (٦). كأن المعنى عنده : هو آخر النبيين ، ويروي عن علقمة أنه قرأ (خِتامُهُ مِسْكٌ) [المطففين : ٢٦](٧) ، أي : آخره مسك.
قال المبرد : (خاتم) فعل ماض على وزن (فاعل) وهو في معنى : ختم النبيين ، فنصب في هذا الوجه على أنه مفعول ، وفي حرف عبد الله «ولكن نبيّا ختم النّبيّين» ، وقراءة من
__________________
(١) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٢٢٥ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٦٣٤ ، ومعاني القراءات : ٢ / ٢٨٣ ، والحجة لأبي علي الفارسي : ٥ / ٤٧٥.
(٢) حكى ذلك الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٤٢ ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٣٧.
(٣) البيت من شواهد الجوهري في الصحاح : ٣ / ٩١٧ (حسس) ، وابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : ١ / ٣٧٣ ، وابن منظور في اللسان : ٦ / ٤٩ (حسس) ، ونسبوه جميعهم إلى أبى زبيد الطائي.
(٤) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٤٢.
(٥) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١٧٠ ، والنكت والعيون : ٤ / ٣٩٩.
(٦) السبعة : ٥٢٢ ، وتلخيص العبارات : ١٣٨ ، والإتحاف : ٣٥٥.
(٧) القراءة المذكورة نسبها الأصبهاني في المبسوط : ٤٦٨ ، إلى الكسائي. وينظر ما تلحن به العامة الكسائي : ١٣٨.