والثاني : أنّ المعنى ومن آياته آية يريكم ، ثم حذف (١) لدلالة (من) عليها ، قال الشاعر (٢) :
وما الدهر إلّا تارتان فمنهما |
|
أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح |
يريد : فمنهما تارة أموت فيها وأخرى أبتغي العيش فيها ، فحذف لدلالة (من) على المعنى.
والثالث : أنه على التقديم والتأخير ، والمعنى : ويريكم البرق من آياته (٣) ، فهذا على غير حذف.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧].
يقال ما معنى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ،) وهل يهون عليه شيء دون شيء؟
وفي هذا ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّ المعنى : وهو أهون عليه عندكم ، ثم حذف ، وهذا قول المفسرين (٤).
والثاني : أنّ (أهون) بمعنى (هيّن) (٥).
كما قال (٦) :
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل |
|
على أيّنا تعدو المنيّة أوّل |
وقال آخر :
تمنّى رجال أن أموت وإن أمت |
|
فتلك سبيل لست فيها بأوحد (٧) |
أي : بواحد ، وهذا قول أهل اللغة.
__________________
(١) هذا رأي الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٢٣ ، ٢ / ٣٢٣ ، والفارسي في البغداديات : ٢٤٥.
(٢) هو ابن مقبل ، ديوانه : ٢٤ ، وهو من شواهد سيبويه ١ / ٣٧٦ ، والمبرد في المقتضب : ٢ / ١٣٨.
(٣) هذا رأي النحاس في معاني القرآن : ٥ / ٢٥٣.
(٤) ينظر جامع البيان : ٢١ / ٤٣ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٥ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، والجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٢١.
(٥) هذا رأي أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٢١ ، والنحاس في معاني القرآن : ٥ / ٢٥٦.
(٦) البيت لمعن بن أوس ، ديوانه : ٣٦ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٢١ ، والطبري في جامع البيان : ٢١ / ٤٤ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٦ / ١٤٨.
(٧) البيت لطرفة بن العبد ، ديوانه : ٦١ ، وهو من شواهد الطبري في جامع البيان : ٨ / ٢٦٤ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ٢٠ / ٨٨ ، وفتح القدير : ٥ / ٤٥٣.